الأمن والاختبار الصعب زمن الكورونا

 يسرى الشيخاوي- 

 تزامنا مع حظر التجول والحجر الصحّي الشامل، تواجه وحدات الامن في تونس اختبارا صعبا، هو اختبار حقوق الانسان في ظل أزمة الكورونا خاصة مع تواصل استهتار بعض المواطنين وخرقهم للإجراءات القانونية المعلنة.

ولئن يقيّد الحجر الصحّي الشامل الحق في الحركة وفي التنقّل مع اعتبار بعض الاستثناءات، فإن ذلك يجب ألا يكون شمّاعة لبعض الممارسات البوليسية التي تنتهك حقوق الإنسان وكرامته وتتعارض مع القانون.

وعلى الجميع أن يعي أن المقاربة القائمة على  احترام حقوق الانسان في مواجهة الفيروس ستدحره، سواء تعلّق الأمر بالحق في الحياة أو الحق في الصحة والحق في الرعاية الطبية دون تمييز والحق في الخصوصية والحق في حرية التعبير والحق في الحصول على المعلومة.

وعلى الأمنيين أن يفقهوا أن كرامة الإنسان خطّ أحمر وأن القانون هو الفيصل بينهم وبين المتمرّدين على قرارات الحجر الصحي الشامل وحظر التجوّل وأنه لا موجب لانتهاك كرامة الأفراد في دولة يقولون إنّها دولة قانون ومؤسسات.

"أمّك.. أمّك .. أّمّك.." ليست توصيات للبر بالأم بل هي "قافية" لسيل من العبارات النابية يتلفّظ بها أمني ممن نزلوا الشوارع لفرض الالتزام بالحجر الصحي الشامل في إطار مكافحة انتشار فيروس كورونا.

"فيديو" تداوله روّدا مواقع التواصل الاجتماعي لأمني يركل مواطنا ويكيل سيلا من السباب والشتام في مشهد مبك ومثير للإحباط، مشهد يقوّض في ذهنك مقولة الأمن الجمهوري والأمن الذي يحترم حقوق الإنسان في أدائه لمهامه.

وهذه الواقعة التي أثارات ردود فعل ساخطة تحيي جدل السلوكيات الأمنية المنتهكة لحقوق الإنسان وتعيد صياغة إشكالية الأمن وحقوق الإنسان في ظل الأزمات، فالحفاظ على حق الإنسان في الحياة والصحة زمن الكورونا لا يجب أن يكون مدخلا إلى انتهاك كرامته.

وإن صدرت عن بعض الأفراد تصرفات مستفزّة ومارقة عن القانون وخارقة لإجرات الحجر الصحي الشامل، في ظرف يشهد فيه الجميع ضغطا نفسيا غير مسبوق، فإن القانون بما يحويه من تشريعات تكفل حقوق الإنسان هو سلاحهم، القانون فقط لا غير وليتحمّل كل مذنب وزر ذنبه.

وإذا احتكم الجميع إلى القانون سقطعون الباب أمام مشاهد "درامية" نحن في غنى عنها في مواجهة عدو لا نراه بالعين المجرّدة ومن غير المجدي تشتيت الجهود في الركل والسب والشتم من قبل أمني أو الاستهتار والاستفزاز والتمرّد من قبل خارق للحجر الصحّي.

ويبدو أنّه بات من الضروري سن إجراءات جديدة في علاقة بفرض الحجر الصحّي الشامل كأن تفرض على المستهترين والخارقين لإجراءت محاربة الكورونا خطايا مالية تتضاعف في حال العود. وذلك من شأنه أن يجنب الأمنيين والمواطنين سيناريوهات صراعات "عقيمة".

وعلى المسؤولين أن ينظروا أيضا في إسناد تراخيص خاصة للأشخاص  يستطهرون بها في حال الخروج لقضاء مآرب خاصة وليكون لهم "مبرر" لكسر "حصار" الحجر الصحي وحظر التجوّل ولإغلاق المنافذ على أولائك الذين ينتشون بتبرر العنف.

وكما ورد في بيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، من غير المقبول استغلال حظر التجول والحجر الصحي للاعتداء على المواطنين وترهيبهم وتعنيفهم ماديا ولفظيا في مس صارخ من كرامتهم وخرق واضح للدستور، ومن غير المقبول أيضا استخفاف بعص المواطنين بالاجراءات الوقائية والأوامر الرئاسية وخرقهم للحجر الصحي.

 
 

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.