الأستاذ نادر الخماسي يجيب: هل للباعة المتجولين قانون ينظم مهنتهم ويحميهم؟

بقلم الأستاذ نادر الخماسي: محام وباحث في القانون-

يحمل موضوع الباعة المتجولين في تونس رمزية تاريخية وسياسة مهمة جدا، وهاته الرمزية تجاوزت حدود تونس لتصل إلى أغلب الشعوب العربية والغربية، ولكن رغم ذلك فإن الدولة التونسية لم تتقدم خطوة واحدة نحو هاته الفئة من المواطنين ولم تسعى إلى محاولة تأطيرهم من الناحية القانونية رغم وجود عديد التجارب العربية المقارنة، حيث نجد أن القانون المصري مثلا ينظم الأنشطة التجارية التي يقوم بها الباعة المتجولين بمقتضى قانون صادر في سنة 1973.

من هو البائع المتجول؟

وعموما يعد بائعا متجولا وفقا لما جاء ببعض القوانين العربية والغربية، كل من يبيع سلعا أو بضائع أو يعرضها للبيع أو يمارس حرفة أو صناعة في أي طريق أو مكان عام دون أن يكون له محل ثابت.
 
والحقيقة بالعودة إلى القانون التونسي لا نجد تأطيرا قانونيّا خاصّا بالباعة المتجولين ما عدا بعض الفصول المتناثرة، هذا خلافا لبقية الأنشطة التجارية التي حظيت باهتمام تشريعي ملحوظ حيث نظم القانون التونسي مسألة التجارة الإلكترونية وكذلك تجارة التوزيع وتجارة التفصيل بمقتضى قانون 12 أوت 2009 كما نظم بعض العقود التجارية الأخرى وذلك صلب المجلة التجارية كعقد النقل وعقد السمسرة وغيرها.
 
وعموما يعتبر البائع المتجول على معنى الفصل الثاني من المجلة التجارية كل شخص اتخذ له حرفة من ممارسته لأعمال التداول والتوسط والمضاربة والانتاج. وذلك بشرط أن تكون ممارسته للأعمال التجارية على سبيل الاحتراف، والاستقلالية وطبق القانون، أي أن يلتزم بواجب التسجيل بالسجل الوطني للمؤسسات ( سجل تجاري ) وأيضا أن يلتزم بمسك محاسبة قانونية واداء الواجب الضريبي.
 
وعلى هذا الأساس يمكن الاستنتاج أن البائع المتجول بالتزامه بهاته الشروط مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار إحترام بعض التراخيص الإدارية المستوجبة، له أن يمارس عمله في إطار القانون ودون أن يكون هناك أي إشكال.
 
لكن هل يكفي ذلك أم لابد من ضرورة إحداث قانون خاص ينظم هاته المهنة المنتشرة والتي يلتجىء إليها غالبية الشباب في تونس؟ 
 
ضرورة تقنين تجارة الباعة المتجولين
الحقيقة لابد من وجود قانون خاص ينظم تجارة الباعة المتجولين والاهم أن نقطع مع مسألة التراخيص الوجوبية التي كثيرا ما تكون عائقا أمام ممارسة هذا النشاط، كما أنه لابد من تنظيم كل الجوانب المتعلقة بالشروط الصحية، حيث جاء مثلا بالقانون الفرنسي المنظم للباعة المتجولين أنه "يجب أن تكون العربات والأوعية والصناديق التي يستعملها الباعة المتجولون لبيع المشروبات والمواد الغذائية مستوفية للشروط والمواصفات التي يصدر بها قرار من وزير الصحة العمومية. ويجوز بقرار مماثل أن يحظر على الباعة المتجولين بصفة دائمة أو مؤقتة بيع المأكولات أو المشروبات التي يتعذر وقايتها من الفساد وأن تحدد شروط ومواصفات ونماذج ملابسهم أو ملابس فئة منهم".
 
كما أنه ولتفادي الاكتظاظ يمكن الاستئناس بالقوانين الغربية التي فرضت على الباعة المتجولين الانتصاب في أماكن معينة ومحدّدة وذلك حتى لا يتسبب نشاطهم في تعطيل سير حركة المرور وغيرها من المسائل الأخرى.
 
وعموما ورغم عديد الانتقادات التي وجهت إلى البرلمان التونسي ورغم عديد الدعوات إلى تقنين تجارة الباعة المتجولين، الا أن المشرع التونسي لايزال بعيدا كل البعد عن التطور الذي يشهده العالم في عديد المجالات، مما يدعو إلى ضرورة إعادة النظر في عديد القوانين الجامدة والبالية التي لم تعد صالحة لهذا الزمن.
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.