افتتاح مهرجان “راست انجلة”.. حينما يرقص الشباب على رماد الصعوبات

يسرى الشيخاوي-

هم شباب زادهم الأمل والحلم في اقتناص فرصة يرسمون فيها مسار الحياة التي يحبّونها، حياة مدادها الثقافة والفن والرغبة في تغيير الواقع بل والتمرد عليها، هم القائمون على مهرجان راست انجلة للموسيقيى البديلة.
 
من منطقة "كاب انجلة " أو "راس انجلة" أعلى نقطة في افريقيا، استمدوا تسمية المهرجان ونزعوا عنها رأسها وعوّضوه بمقام الراست الشرقي، لتجمع التظاهرة الثقافية المتفرّدة بين الموسيقى والطبيعة بما  تحمله في باطنها من إيقاعات وألحان.
 
بعد مخاض عسير رأت التظاهرة النور، بعد تأخيرها لأسباب مناخية وأسباب أمنية تزامنا مع حوادث ارهابية وتدهور صحة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، آن لفعاليات الدورة الثالثة من مهرجان راست انجلة أن تنطلق.
 
صعوبات كثيرة واجهت المهرجان لكن عرّابيها أبوا إلا أن يستكملوا طريقهم نحو تثبيت هذه التجربة الثقافية الفنية والمضي بها نحو دورات أخرى تقطع مع السائد والنمطي وتحتفي الموسيقى والطبيعة.
 
حتّى سويعات قليلة قبل افتتاح المهرجان في دورته الثالثة كان الجميع يراقب حالة الطقس خاصة مع الإعلان عن وجود زوابع رعدية بجهة بنزرت، لكن هذه الزوابع رأفت بحلم الشباب في أن يمرّ الافتتاح بسلام ولم تتزيّن السماء بالبرق إلا بعد أن شارف عرض "زي" لصبرين الجنحاني على الانتهاء.
 
ويستمر الحلم 
رغم العراقيل التي واجهتهم لم يخفضوا لواء الحلم، وظلوا صامدين حتى رأى حلمهم النور، وكانت انطلاقة الدورة الثالثة من المهرجان الذي يتوجّه بالأساس إلى الشباب ولكنّه أيضا
ينفتح على فئات عمرية اخرى، وفق قول مدير المهرجان ضياء الفالحي.
 
أما عن فلسفة المهرجان، يقول الفالحي في تصريح لحقائق أون لاين إنّها تقوم على تنظيم عروض للموسيقى البديلة في الفضاء العام ليكتشفها الجميع المهتمون منهم وغير المهتمين.
وهو يعدّد العراقيل التي واجهت المهرجان وانعكست في أشكال عدّة من بينها إلغاء الدورة الثالثة السنة الماضية وتاجيلها لهذه السنة لتشهد بدورها تأخيرين إثنين لأسباب مختلفة، لم ينس الحديث عن دور التظاهرة الثقافية في إبراز المعالم السياحية لبنزرت.
 
عروض موسيقية لفنانين شبان وأنشطة تخييم، تنتظر عشّاق الموسيقى البديلة والطبيعة الحسناء، لتتعانق النوتات مع الأصوات الساكنة في عمق كاب انجلة، في مبادرة يتجلّى فيها وجه الشباب الحالم في جمال البحر والجبل.
 
وإن كانت العروض النابعة من رحم الموسيقى البديلة، أساس المهرجان فإنه لا يقتصر عليها فقط وإنّما يتعدّاها إلى التخييم واكتشاف المكان في أجواء لا تخلو من الايقاعات والألحان.
 
"زي" وجه من وجوه الموسيقى البديلة 
في الافتتاح، كان متابعو مهرجان راست انجلة على موعد مع عرض"زي" لصبرين جنحاني، وهو عرض تنبع نصوصه من عمق اللهجة التونسية، وكلمة "زي" تعني الفرد.
 
"زي" تسمية تحيل أيضا إلى خيار صبرين الجنحاني الموسيقي، إذ توجّهت الى إنتاج أغان بمفردها بعد "انفصالها" موسيقيا عن شريكها رامي المسعودي بعد أن كانا يجتمعان في مشروع "يوما".
 
على إيقاع نغمات الغيتار التي يلامس أيوب رقيق أوتارها، ونغمات الكونترباص التي يداعبها ماهر القروي، غنت صبرين الجنحاني من كلمتها، كلمات استقتها من اللهجة التونسية الجميلة لتترجم مسارات الحياة التي قد يعيشها الفرد من ولادته إلى ان يغادرها.
 
مشاعر متناقضة روتها الجنحاني بصوت يتأرجح بين متاهات الحب بمختلف تلويناته، ويحاكي التقلبات التي يعيشها الإنسان في حياته، وكانت اغنياتها موغلة في العاطفة وهي التي تحكي علاقة الفرد بالآخر وبوطنه، أغنيات لم تتوقّف عن أدائها حتّى حينما انهمرت زخات المطر.
 
وفي دورة ثالثة صاحبتها عديد الصعوبات، صعوبات أحرقها نبراس الأمل الذي يتسلّح به القائمون على المهرجان،ولم يبق منها غير رماد رقصوا عليه.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.