افتتاح مهرجان الجاز بطبرقة.. حينما تحاكي الموسيقى الحب والحرّية

 يسرى الشيخاوي-

 هنا طبرقة، هنا مهد الجاز في تونس، هنا مسرح البازيليك حيث مرّ كبار مغنّي الجاز، وصدحت أصواتهم تغني للحب والحرّية والوطن وتعانق وجه السماء ناشدة التحرّر الانعتاق.

على هذا الركح اللذي سيهتز لصرخات مغنّي الجاز ما يستحقّ الاستحضار، وهو المحمّل بتاريخ موسيقى الجاز وحكايات المغنين القادمين من بلدان مختلفة، حكايات روتها الآلات الموسيقية والكلمات وحاكتها هتافات عشاق الجاز في المدارج.

 "سيزاريا إيفورا" و "مايس ديفيس" و"باربارا هاندريكس" و "باث هارت" و " ديزي جيالسبي" و "تامتايشن" و"ديانا كرول"، أسماء كانت هنا قبل أن يخبو نجم مهرجان الجاز الأعرق في تونس بداية من سنة ثمانية وألفين.

"عودة الجذور" كانت عنوانا لفعاليات المهرجان قبل سنتين، إذ كان عشاق الجاز على موعد مع فرق موسيقية عالمية، ولكن الطريق إلى الجذور لم تكن مسترسلة، إذ كانت الدورة السابقة مزيجا من الفوضى والارتجال في علاقة بتأجيل العروض أو إلغائها.

بعد قطيعة مع الجذور استأنفت جمعية التنمية الثقافية المسار الاوّل لمهرجان الجاز في محاولة لاستعادة ألقه ببرمجة مزجت بين الجاز والبلوز والميتال، وراوحت بين برمجة عروض تونسية وأخرى أجنبية.

وأنت في الطريق إلى البازيليك، يطالعك ركح مواز في ساحة الاندلسيين تعتليه الفرق الفنية الموسيقية، في مشهدية موسيقية يزينها أبناء الجهة ممن عشقوا الموسيقى وهاموا بالجاز.

تخفت الانغام في الخارج، ليعلن صوت الغيتار بداية البعث في مسرح البازيليك، ويصدح صوت الفنان موه كوياتي بأغان تنبض بالحب والحرّية، أغان عن  المرأة والوطن والإنسانية.

هي موسيقى روحانية تحاكي مشاعر الإنسان بكل ما تحملها من تناقضات، نوتات و"آهات" تحاكي البدء والختام وتنشد آفاقا جديدة يشكّلها مو كوياتي بتطويع صوته على وقع أنغام الغيتار الثائر والدرامز المتمرّد.

موسيقى، تحاكي افريقيا الجديد التي انتفضت من جراحها وهي التي استنزفها الاستعمار لكنّها مازالت حالمة، نداءات للتحرر والانعتاق تكسوها مسحة من الشجن، هي إحساس العازفين والمغني بالحياة يترجمونه بالأصوات، إحساس ينبع من قلوبهم فيصل إلى قلب المستمع مباشرة.

وأنت تصغي إلى موسيقى مو كوياتي، ستتسلل إليك نوتات من البلوز والجاز والقناوة لتخلق "ريتما" يراود جسدك ويدفعك الى الرقص على إيقاع ترانيم الحب والسماحة.

 قد لا تفهم كلمات الاغاني التي التي يؤدّيها بشغف ولكنك ستفهم سياقها من تفاعلهوالعازفين معها وستقحم تلك الطاقة الرهيبة التي يوزّعونها من حولهم في تفاصيلها وكأن بك تخبر اللهجة الغينية منذ زمن، في برهان على أنّ الموسيقى لا تعترف بالحدود وأنها لا تحتاج إلى الكثير من التأويل إذ يكفي أن تشعر بنغماتها وإيقاعاتها حتّى تمتلئ بها وتتماهى مع نوتاتها.

وفي انطلاقة مهرجان الجاز، وإن لم تغص المدارج بالجماهير على أمل أن يهب عشاق الجازأفواجا أفواجا إلى مسرح البازيليك في العروض القادمة، فإنّ المكان الذي يحمل أثر الرومان كان حاضنة لموسيقى الحب والحريّة.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.