بـسام حمدي-
مرت الأزمة الداخلية بحركة نداء تونس الى طور التفتت بعد ان انقسمت الحركة وتفرخّت عنها أحزاب وأقطاب سياسية ظلت تحمل نفس التوجهات والخيارات رغم انشقاقها وانسلاخها فعاد هذا الحزب الى نقطة الصفر والى خانة اللاهوية السياسية.
حزب نداء تونس انشق وانقسم بعد رحيل مؤسسه الباجي قائد السبسي عن مركز القيادة وازداد انقسامه بعد صعود نجله حافظ قائد السبسي الى الصف الأول ليزيد اليوم موقف حليفها في الحكم حركة النهضة من مسألة اقالة يوسف الشاهد من على رأس الحكومة من حدة الانقسام والتشرذم داخل هذه الحركة الفتية وفاقم مشاكلها.
تمسك النهضة بيوسف الشاهد رئيسا للحكومة زاد الطين بلة فارتفعت وتيرة الخلافات داخل “الدار الكبيرة” لينتشر وباء الانقسام في معظم هياكلها ويشملها كلها بداية من مؤسساتها الوطنية وصولا الى تنسيقياتها الجهوية والمحلية.
التمسك بالشاهد على رأس الحكومة جعل طلب الاقالة الذي طرحه حافظ قائد السبسي ملقى في سلة المهملات ووضع الشاهد وجها لوجه مع نجل السبسي وانقسم بذلك أبناء النداء الى صفين، صف مناصر للشاهد ورافض لاقالته وآخر داعم لحافظ قائد السبسي.
وفي الأثناء، وقف الباجي قائد السبسي في نقطة الاحتكام الى الأغلبية البرلمانية، ولم يوافق ابنه في قرار الاقالة ولم يطلب من البرلمان اقالة الشاهد نظرا لدرايته بكونه طلبا لن يحصل على الأغلبية البرلمانية طالما أن النهضة والأحزاب المعارضة لا تساند فكرة تغيير الشاهد.
موقف السبسي هو الآخر خلق خلافا جديدا داخل النداء فسارع أعضاء الكتلة النيابية للنداء للاعلان عن دعمهم لموقف زعيمهم مؤسس الحزب.
في الظاهر، تبدو حركة النهضة متشبثة ببقاء الشاهد على رأس الحكومة حبا في الاستقرار السياسي، والحال أنها أول من طلب منه إقصاء نفسه من المشهد السياسي وعدم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، لكن يبدو أن قرار التمسك اُتخذ لا لكون الشاهد أفضل شخصية تقنعها ولا لمعارضة قرار الحليف وإنما في اطار تنفيذ خطة إضعاف المنافس وخلق المزيد من الخلافات داخله.
الواضح أن حركة النهضة اختارت ألا تستهدف خصمها السياسي بالشتم والجدال في المنابر الاعلامية وفضلت استراتيجية الهجوم السري لإضعاف منافسها الأبرز حركة نداء تونس دون أن تتدخل بصفة مباشرة في شؤونه الداخلية.
تكرر انقسام الأحزاب المتحالفة مع حركة النهضة في الحكم يبدو أنه ليس بمحض الصدفة بل يؤكد توجهات النهضة وذكاء قياداتها في تفتيت منافسيها متخلية عن منطق سحل المنافسين في الشوارع وعن منطق الشرعية.