ادراج “الكسكسي” و”الصيد بالشرفية” ضمن التراث الثقافي اللاّمادي للبشرية.. فخر وطني ومغاربي

مروى الدريدي-

تحتفي تونس بتسجيل عنصرين جديدين في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللاّمادي للانسانية بمنظمة اليونسكو، فبعد "خزف سجنان" و"النخيل"، أدرجت اليونسكو عنصري "الصيد بالشرفية" بجزر قرقنة، و"الكسكسي" كملف مشترك بين الدول المغاربية، تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا.
 
واحتضنت مدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة، الاربعاء 13 جانفي 2021، يوما ترويجيّا لهذا الادراج الجديد، نظمته وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، وتحت اشراف وزارة الشؤون الثقافية. وحضر هذا اليوم الوزير بالنيابة الحبيب عمار، ووزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، وممثلي سفارات الجزائر والمغرب ومورتانيا، والسفير الدائم بتونس لدى اليونسكو غازي الغرايري، وعدد من ممثلي المجتمع المدني. 
 
وخلال هذا اليوم الترويجي نظمت الوكالة معرضا فوتوغرافيّا يوثق لعملية الصيد بالشرفية في جزر قرقنة، وورشات حية تشرح مختلف مراحل انشاء عناصر الشرفية بحضور ممارسين لهذه الحرفة، كما تمّ عرض شريطين وثائقيين الاوّل للتعريف بالصيد بالشرفية ومميزاته، والثاني يتعلق بالمهارات والمعارف والممارسات المتعلقة بإنتاج واستهلاك الكسكسي.
 
ويُعتبر هذا الادراج فخر لتونس لما تزخر به من موروث ثقافي يختزل المعارف والمهارات الفريدة من نوعها والتي يتوارثها جيل عن آخر، وفخر للمغرب العربي لما في هذا الادراج من اعتراف بتراثه الجامع والمحقق للشعور بالانتماء إلى وطن واحد لا يعترف بالحدود الجغرافية.
 
عنصر الصيد بالشرفية
هي طريقة صيد تقليدية اشتهرت بها جزر قرقنة في تونس، ويقع تقسيم المساحة الموكولة للشرفية بتصفيف سعف النخيل حولها، ويتم من خلالها اصطياد السمك بعد أن يتم جذبه في غرفة صغيرة يقع ترتيبها داخل كل قسم.
 
 
والشرفيّة مصيدة ذات الانتصاب الدائم والتي تعتمد على استغلال شروط الطوبوغرافيا تحت المائيّة والتضاريس البحرية والموارد الطبيعية سواء على اليابسة أو في البحر، وتعتبر الشرفية من أقدم الطرق المستخدمة لصيد الأسماك، لكن المصطلح لم يبرز في الوثائق الرسمية إلا خلال القرن السابع عشر خاصة في عقود الملك العام البحري بإدارة الصيد البحري بقرقنة والتي يعود أقدمها إلى سنة 1670.
 
 
وتستغل الشرفية غريزة الأسماك في متابعة حركة المد نحو الشاطئ وترجع إلى الأعماق عند الجزر، حيث تضطر إلى الفرار إلى عرض البحر فتصطدم بالجدار المحوري فتنجدب نحو الأماكن المضادة في اتجاه "الدرّينة" الموجودة بالغرف وتنفذ إليها دون التمكن من الخروج.
 
عنصر الكسكسي
 
لا يمثل الكسكسي مجرد أكلة ذات قيمة غذائية خاصة، وإنما هو ثقافة كاملة ترتبط بها جملة من المعارف والمهارات والطقوس والممارسات الاجتماعية.
 
تبدأ مراحل انجاز الكسكسي بداية بزراعة الحبوب ثم طحن البذور للحصول على سميد، ثم يتم فتله وطبخه على البخار، وهي خاصية تقنية تميز الكسكسي عن جلّ الأطباق الاخرى، وكثيرا ما يجهّو هذا الطبق بالعديد من أنواع الخضار واللحوم والأسماك المختلفة، وذلك حسب المناطق والمناسبات والفئات الاجتماعية.
 
 
ويكرس الكسكسي جملة من القيم والمبادئ الاجتماعية القائمة على التواصل والمشاركة، فأفضل الكسكسي هو ذلك الذي يتم تشاركه جماعيا ويرتبط بالمناسبات العائلية والاجتماعية، لذك فلا غرابة أن يسجّل حضوره في الأفراح كما في الأتراح فهو الطعام الطقوسي دون منازع.
 
والكسكسي يحمل دلالات رمزيو في المخيال الجمعي وهو موروث ثقافي بامتياز ترسّخ عبر التاريخ الطويل منذ اسلافنا البربر وهو بذلك حامل لذاكرة لا تزال حية وعنوان هوية متجددة.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.