احتجاج أمنيين أمام محكمة بن عروس: اجماع حول انتهاك حرمة القضاء.. وحديث عن تلاعب بصورة المؤسسة الأمنيّة

حقائق أون لاين-

أثار تجمّع مجموعة من الأمنيين المنتمين لنقابة موظفي الإدارة العامة للأمن العمومي صباح أمس الاثنين أمام المحكمة الابتدائية ببن عروس، تنديدا بإيقاف ثلاثة أمنيين من أجل “شبهة التعنيف” تجاه متهم، استياء واستكارا كبيرين من طرف عدة أطراف قضائية ومحامين وجمعيات ناشطة بالمجتمع المدني.

وكانت نقابة موظفي الإدارة العامة للأمن العمومي، قد دعت في بيان لها إلى “الاستنفار والحضور” صباح الاثنين بكثافة أمام المحكمة الابتدائية ببن عروس، وذكرت أن وكيل الجمهورية ببنعروس “أصدر قرار متسرعا” في خصوص زملائهم الامنيين التابعين لفرقة الشرطة العدلية بحمام الأنف.

القضاة ينبّهون…

واعتبر المجلس الأعلى للقضاء أن تجمهر مجموعات من الأمنيين الحاملين للسلاح وانتهاكهم لحرمة المحكمة الابتدائية “ضربا لاستقلالية السلطة القضائية وعملا غير مسؤول”، وفيه مساس من استقلالية القرار القضائي وارتهان له” كما انه يمثل “اعتداء مباشرا على حرمة المحاكم وقضاتها”.

وحمّل المجلس السلطة التنفيذية المسؤولية عن تدهور الوضع الأمني بالمحاكم، خاصة وأنه “عاين تجمهر مجموعات من الأمنيين انتهكوا حرمة المحكمة وكانوا حاملين للسلاح بعد تنقلهم الى مقر المحكمة بمختلف الوسائل الموضوعة على ذمتهم من طرف الدولة”.

من جانبها اعتبرت الهيئة الإدارية لـنقابة القضاة التونسيين، أن “الوقائع المخجلة التي جدت أمس الإثنين في مقر المحكمة الإدارية ببنعروس والمتمثلة في تجمهر مجموعة من الأمنيين بحرم المحكمة حاملين لأسلحتهم الوظيفية وقيامهم بتطويق المكان بالسيارات الأمنية، لا يعتبر احتجاجا سلميا بل ضغطا مباشرا وغير مقبول على القضاء، باستخدام وسائل سخرتها الدولة لضمان علوية القانون ووقع الإنحراف بها وتوظيفها لتحقيق أغراض شخصية وغير شرعية”.

واعتبرت الهيئة الإدارية للنقابة في بيان لها اليوم الثلاثاء، أن “ما صدر عن المجموعة المذكورة، يشكل تجاوزات ترقى إلى مرتبة الجرائم المنظمة وتتطلب التصدي لها ولمرتكبيها، وفق القانون، لضمان عدم تكرارها”.

وحملت نقابة القضاة، السلطة التنفيذية، “مسؤوليتها في تأمين المحاكم حالا، وممارسة صلاحياتها الرقابية والتأديبية إزاء منظوريها، بما يضع حدّا لمثل هذه السلوكيات المخالفة لمبادئ دولة القانون”. ولاحظت أن “التغاضي عنها يشكل تواطؤا سلبيا”، مشيرة إلى أنه سيقع “النظر في التحركات الممكنة، في صورة عدم الإستجابة لطلب تأمين المحاكم حالا، واتخاذ الإجراءات الملائمة إزاء مرتكبي مثل هذه الإعتداءات”.

المحامون على الخطّ

جمعية المحامين الشبان كانت على نفس الموقف، وندّدت بدورها بتصرف الأمنيين خاصة بعد اعتدائهم على المحامي مهدي زقروبة، أمس بالمحكمة، وفقا لما أفاد به عضو المكتب التنفيذي بالجمعية التونسية للمحامين الشبان، يسرى ساسي.

وأوضحت المحامية في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، اليوم الثلاثاء، أنّ زميلهم (زقروبة) “تقدّم بشكاية في التعذيب قام به أعوان أمن ضدّ أحد المتهمين في قضيّة حقّ عام، لا علاقة لها بقضية الشهيد شكري بلعيد، كما يروّج لذلك بعض الأمنيين”.

وكانت الجمعية قد وصفت في بيان لها مساء أمس الإثنين، “الإعتداء الذي تعرّض له المحامي مهدي زقروبة بمحكمة بن عروس من طرف عناصر من البوليس مدعومة من النقابات الأمنية”، بـ”السافر وفيه اعتداء على المحاماة وعلى الحق الدستوري للمواطنين في محاكمة عادلة”، معتبرة أنّ ما رافق الإعتداء من أعمال داخل أسوار المحكمة “هدفه التأثير على أعمال القضاء”.

ونبّهت من “خطورة تغوّل الجهاز البوليسي ومن الدور الخطير لما يسمى بالنقابات الأمنية، في التشجيع على استعمال العنف وتأصيل ثقافة الإفلات من العقاب والتحريض على عدم الإمتثال للقرارات القضائية”.

وفي هذا الصدد استنكرت جمعية المحامين الشبّان ما وصفته بـ”الموقف السلبي لوزير الداخلية وعجزه عن تأطير منظوريه وفرض علوية القانون، صيانة لحرمة المواطنين وكرامتهم”، محذّرة وزارة الداخلية ورئاسة الحكومة، من “مغبّة الرجوع إلى المربع الأول وإعادة إستنساخ تجربة دولة البوليس القمعية الجائرة”.

تلاعب بصورة المؤسسة الأمنية!

رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان مصطفى عبد الكبير وصف ما وقع أمام من أحداث ترتبط أساسا بالمؤسسة الأمنية وآخرها ماحصل بالامس امام محكمة بن عروس وبغض النظر عن التجاوزات او الاعتدءات او الاستحقاقات او المظالم، خطير، معتبرا أن ذلك تلاعبا بصورة المؤسسة الأمنية ودورها الطبيعي في القيام بوظيفتها بكل حرفية ورصانة وملاءمة للقوانين والتشريعات.

وتابع بأن “البعض يعتقد أن المسألة محصورة في خلافات بسيطة وأمور تحدث من حين لاخر بين المؤسسة الامنية والمؤسسات الاخرى والمواطنيين عامة وينظر اليها على انها امر طبيعي في الديمقراطيات الحديثة، لكن ما يحدث مؤشر حول ماهو أعمق خاصة ونحن نعيش في محيط دولي مضطرب ومتصارع ومتفكك بفعل انتشار الفوضي وغياب الدولة وضعف مؤسساتها الأمنية خاصة فلا يجب السقوط في هذا التحليل او التصور لان العكس صحيح قوتنا في قوة مؤسساتنا.

ودعا إلى ضرورة الوعي بأهمية ودقة المرحلة، التي تستدعي الانتصارللمؤسسة الامنية التي يراد اضعافها وهو مبتغى قوى التطرف والارهاب، وفق قوله.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.