“إيييييييو”.. حينما يشخّص الفنان البحري الرحالي متلازمة “التنبير”

 يسرى الشيخاوي-

فيما يتمرّد البعض على واقعه ويخلق البعض الآخر تعبيرات تمكّنه من التكيف مع وضعياتهم، تمعن فئة في رمي الانتقادات دون مبرر أو سبب يذكر ولا يتوانى مريدوها عن إحباط الآخرين.

هذه الفئة تتفنن في خلق العبارات التي تتفه أفعال الآخرين وأقوالهم ومواقفهم، تسارع إلى إبداء رأيها في كل الأمور حتى تلك التي لن تخصه أبدا في محاولة للفت الانتباه وسد النقص الكامن في دواخلهم.

هي متلازمة " التنبير" التي تصيب سوادا اعظم من الأفراد الذين تعددت دلاؤهم وظل دلوهم خواء فارغا من أي معنى إلا من الرغبة في البروز ولو ظهروا بمظهر الاغبياء أو المتنمرين أو التافهين.

من هؤاء الأشخاص الذين يعترضونك حيثما وليت وجهك اقتبس القائمون على سلسلة " كان يا ماكانش" شخصية "شو" التي يؤدّيها الممثل المارق عن كل التصنيفات البحري الرحالي.

البحري الرحالي الذي يقنع في أدوراه الكوميدية كما الشأن في ادواره الدرامية ويشدّ إليه الأنظار في التلفزيون والمسرح والسينما، يطل على جمهوره الذي ألف تقلّبه بين الأدوار والشخصيات في دور " شو" الذي يظهر في مشاهد كثيرة لينتقد الآخرين ويثبط من عزائمهم.

والشخصية تستمد اسمها من عبارة "شو" التي تستهل بها خطاباتها "التنبيرية" وتعني أنظر، وإثرها يرمي العديد من الكلمات المحقّرة لأفعال الآخرين وأقوالهم  أوالساخرة من هيئاتهم قبل ان يختم بمفردة "إييييو" وهي تعبيرة عامية تبخس الجدوى من الفعل أو القول.

"شو" شخصية مستفزة تثير سخط وحنق الشخصيات من حولها لتكرار نفس "الديباجة" في كل مرة دون كلل او ملل، تظهر في ذروة الانتشاء بحدث ما أو مع بداية انفراج أزمة ما لتنفث بعضا من الاضطراب والتوتر.

مرة أخرى يثبت الممثل البحري الرحالي أنه يجيد مسك خيوط شخصياته ويطوّعها بأدائه الذي لا يعرف طريقا إلى الاستنساخ والتكرار، إذ تشبّع بكل مقومات الشخصية " النبارة" حتى صار مرجعا فيها.

بإطلالته التي تأتي دون إيذان، وإيماءاته ونظراته وحركاته وسكناته ونبرة صوته وأسلوب لفظ الكلمات، يتقمّص الدورالشكسبيري بملامح فانغوغية دون أن يغفل أي تفصيل ويحملك إليك مع كل ظهور ذكرى جمعتك مع شخص لا يجيد سوى "التنبير".

وعديدة هي المواقف التي يصادف فيها المرء "شو" واقعا، كأن تبذل الكثير من روحك في كتابة المقالات ويخرج عليك أحدهم في كل مرة متسلحا بعبارات من قبيل " شو" و"اييو"، وكأن تقضي ساعات في صناعىة حلي أو قذتعة ملابس أو أي منتوج يدوي ويمعن شخص بعينه في أن يرمي في وجهك نفس الكلمات المحبطة.

في كل مكان" شو" وفي كل زمان "شو" وفي كل موقف" شو"، "شو" قدر كل من يأبى ان يظل في ذات المكان ويكفر بالضوابط والأطر ويحاول أن يغير ما استطاع إليه سبيل.

"شو" شخصية فارقة في سلسلة "كان يا ماكانش"، السلسلة المغايرة للسائد والمختلفة في طرحها الفني وهي التي ينصهر فيها الواقع والخيال عند عتبة الفانتازيا التي ماكانت لتتحقق لولا تظافر عدّة عناصر منها السيناريو والإخراج والكاستينغ وأداء الممثلين والموسيقى.

 "كان ياماكانش" تجمع عددا من الممثلين الذين خطوا بصماتهم بمشاهد لا تسقط سريعا من ثقوب الذاكرة وهي فكرة للسيناريست الذي لا يتكرر حاتم بالحاج  صارت واقعا سيتأمل التونسيون تفاصيله في النصف الأول من شهر رمضان على القناة الوطنية الأولى.

ولتصبح الفكرة واقعا، نسج الثلاثي حاتم بالحاج وعبد الحميد بوشناق وعزيز الجبالي ملامح سيناريو يرشح تشويقا تكشف عنه أسماء الممثلين والشخصيات وكلمات أغنية الجينيريك التي كتبها جلال الصويدي وغناها الفنان لطفي بوشناق ومغني الراب " A.L.A".

والسلسلة من إخراج عبد الحميد بوشناق الذي صنع أسلوبه المتفرد في عالم الدراما، ويبدو أنه سيحمل الجمهور هذه المرة الى عوالم الفانتازيا والواقعية السحرية، حسبما تشي به تفاصيل الجينيريك.

وتركيب حلقات السلسلة التي تولي التفاصيل الفنية اهتماما كبيرا بدءا باختيار الممثلين وصولا إلى أغنية الجينيرك، شارك فيه فريق تقني شاب باستديوهات الشركة المنتجة المنفذة سينيتليفلم للحبيب عطية.

وفي علاقة باختيار الممثلين، تشهد السلسلة عودة الفنان منجي العوني الذي طال غيابه وهي نقطة تحسب للمخرج عبد الحميد بوشناق لما فيها من أبعاد فنية وإنسانية في ذات الآن ولا شك في أن الرجوع الى شاشة التلفزة كان له وقع خاص في نفس منجي العوني الفنان والإنسان.

وإلى جانب رفاق دربه الفني الممثلين عزيز الجبالي وجهاد الشارني وياسمين الديماسي وهالة عياد، تحضر في هذا العمل أسماء فنية قديرة على غرار فاطمة سعيدان وعبد الحميد قياس والبحري الرحالي وسندس بالحسن وشوقي بوقْلية وجمال المداني.

وهذه السلسلة فتحت أبوابها لعديد الممثلين بعضهم اكتشفه الجمهور في أعمال سابقة على غرار رملة العقاري وربيع ابراهيم ورباب السرايري وريم عياد إلى جانب سيف عمران وعصام العياري وابراهيم حسني وزياد الجوادي.

وتحتمل السلسلة ضيوف شرف من أسماء فنية علقت في أذهان الجمهور من بينهم ريم الزريبي وسامية رحيم وسهام مصدق ومهذب الرميلي وحمدي حدة وسلوى محمد وممثلين صاعدين على غرار بلال سلاطنية نسيم زيادية وغيرهم.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.