بسام حمدي –
لم ينجح رئيس الجمهورية قيس سعيد في استقطاب جزء هام من التونسيين في المرحلة الأولى من مشروعه السياسي وفشل في إقناع الشعب على الإقبال على المشاركة في الاستشارة الوطنية الالكترونية المتعلقة بإجراء إصلاحات دستورية وسياسية.
واصطدمت المرحلة الأولى من المشروع السياسي، وهي الاستشارة الوطنية، بلامبالاة شعبية، فقبل 3 أيام قط من انتهاء فترة إجرائها لم يتجاوز عدد المشاركين في هذه الاستشارة 500 ألف مشارك، رغم التسهيلات الكثيرة المقدمة للمشاركة فيها وهو ما يعكس عدم اهتمام المواطنين الذي استبدت أزمة أوضاعهم المعيشية والاجتماعية.
ولم يتعدى عدد المشاركين في الاستشارة الإلكترونية على موقعها نسبة 6% من جملة التونسيين المؤهلين للعملية الانتخابية المقدّر بأكثر من 7 مليون ناخب.
وكانت الاستشارة الوطنية قد انطلقت منتصف شهر جانفي الماضي وستنتهي يوم الأحد 20 مارس 2022.
وطرح سعيد ضمن هذه الاستشارة جملة من الأسئلة تتعلق أساسا بالسياسة والاقتصاد والمسائل الاجتماعية والانتقال الرقمي والصحة والتعليم والثقافة وجودة الحياة والثقافة.
وإثر الانتهاء من الاستشارة الوطنية، سيتم تجميع نتائجها من قبل لجنة من الخبراء لصياغتها بهدف بلورة خطوط كبرى لمشروع استفتاء مقرّر في جويلية القادم لإدخال تعديلات على الدستور يسعى من خلالها تغيير النظام السياسي للبلاد إلى نظام رئاسي.
وجاءت الاستشارة في فترة تعيش فيها تونس على وقع تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الأساسية فضلا عن فقدانها من الأسواق، وهو ما يفسر أن عزوف التونسيين عن المشاركة في الاستشارة يتمثل في اعتبارها ليست ألويوية بالنسبة لهم.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حملات اجتماعية تندد بانشغال قيس سعيد بمشروعه السياسي وعدم قدرته على ترتيب أولويات الحكم.
إزاء ذلك، حاول قيس سعيد التخفيف من حدة الفشل الذريع في تطبيق المرحلة الأولى من مشروعه السياسي وطلب الأسبوع الماضمن رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن تمنح الانترنت بالمجان للتونسيين ليتمكنوا من النفاذ الى موقع الاستشارة والمشاركة.
وتطابق هذا العزوف عن المشاركة في الاستشارة مع دعوة الكثير من الأحزاب السياسية والمنظمات المناهضة لخيارات سعيد بعد أن دعت إلى مقاطعتها.
ويمكن اعتبار عدم مشاركة أغلبية التونسيين في الاستشارة الوطنية إنذارا اجتماعيا يحذر قيس سعيد من المسار الذي يتبعه وهي دعوة غير مباشرة إلى إعادة ترتيب أوراقه ومنح الأولوية للملف الاجتماعي والاقتصادي قبل السير في تغيير النظام السياسي وتعديل الدستور خاصة وأن الرجل كان قد رفع خلال حملته الانتخابية شعار "الشعب يريد".