11
محمد علي الصغير –
لم تشذّ مدينة القلعة الكبرى عن القاعدة إذ خصصت للبعد الثقافي في شهر رمضان الكريم حظه الذي يستحق على غرار بقية المدن. وكان السبق في هذا المجال لجمعية علوم وتراث التي نظمت الليلة البارحة الاربعاء 13 جوان 2018، سهرة شعرية وموسيقية رائقة كان عنوانها الأبرز "الابداع والامتاع". الحضور الغفير الذي قدم من داخل المدينة ومن بعض المدن المجاورة كسوسة وأكودة وغيرهما لم يخسر رهانه بنجاح هذه السهرة التي أثثها شعراء علا كعبهم وذاع صيتهم في الجهة على غرار أبناء مدينة الزيتونة محمد علي بن عامر ومحمد المثلوثي والسيد بوفايد وكذلك جلال باباي وعمر عبد الباري من مدينة أكودة. هذا المجلس الثقافي كما سماه الزميل حسن بن علي منسق هذه التظاهرة مثّل فرصة امتزج فيها عبق الكلام والوصلات الشعرية الجميلة مع سحر اللحن فكان اللقاء أشبه بمعزوفة خالدة سرت بالحاضرين الى عالم من الابداع السرمدي. فالقصائد التي ألقاها كتابها كانت حبلى بالمعاني الوجودية حينا وملامسة للواقع وللأحداث حينا آخر…. حر ومقفى كان الشعر أشبه بلوحة فنية رسمت عليها تفاصيل كثيرة من حياتنا اليومية في رسالة واضحة كان مضمونها الرئيسي حب هذه الأرض وهذا الوطن… وجاءت قصيدة "يا قلعتي" التي ألقاها التلميذ مالك بن الصغير عن مدرسة حي النزهة وبإشراف المربية جميلة الفقيه فرج لتضفي أكثر خصوصية وأكثر عمقا في حب هذا الوطن وكل شبر من ترابه… كما عمق في سحر هذه الكلمات ووقعها الوصلات الموسيقية التي أمّنها الفنان عمر الزرقاطي ومجموعته الفنية التي أحكمت مجاراة نسق الكلمات وزادت في رونقها… فكان اللقاء الذي احتضنه فضاء الهواء الطلق بدار الثقافة بالقلعة الكبرى شبيها بـ"سوق عكاظ" على حد قول الشاعر جلال باباي حيث علا صوت الكلمات وتنوعت مدلولاتها ومقاصدها وتشنفت آذان الحاضرين بسماعها. ولعل ما أعطى لهذه المسامرة الفنية الرمضانية بعدا آخر هو تخصيص فقرة الفداوي أو الحكواتي التي أمنها الفنان والممثل طارق الزرقاطي الذي سافر بالحاضرين بعيدا في غيابات عوالم الخرافة وقصص الملوك والسلاطين التي مازالت الى اليوم تشد السامعين لجمالها وحبكة حياكتها وقوة بنائها القصصي. هي بادرة متميزة قامت بها جمعية علوم وتراث التي يترأسها الأستاذ الصغير قايد جاءت لتكسر صمتا ثقافيا خيّم على المدينة طيلة شهر رمضان المعظم في مدينة تميزت في السنوات الأخيرة بحركية ثقافية غير معهودة خصوصا في ظل الزخم الجمعياتي الذي خلق نشاطا متفردا في مدينة المليون زيتونة…