2
كتب سعيد ناشيد-
الرسالة الأولى، كورونا هي المرض الذي كشف أمراضنا: التشفي في الحضارات القوية، الشماتة في المختلفين دينيا، تحويل الشعور بالعجز والفشل إلى كراهية للآخرين، تفاقم وسواس المؤامرة، الجهل المقدس بالأسباب العلمية، استفحال الفكر الخرافي، بروز الكهنة المتاجرين بمخاوف الناس وآلامهم، إلخ.
الرسالة الثانية، كورونا هي المرض الذي قدّم امتحانا قاسيا بالفعل -لكنه امتحان- لمستوى التقدم العلمي والثقافي والحضاري، ولقوة الدولة والمجتمع في كل بلد على حدة. فقد لاحظنا قدرة الدولة الصينية على بناء مستشفيات مجهزة في ساعات، ثم تفكيكها في ساعات عقب بداية الانتصار على المرض؛ كما لاحظنا قدرة الدولة الإيطالية على توفير كل الخدمات الأساسية لكل أفراد الشعب الإيطالي بأسره وعلى كامل تراب إيطاليا، مقابل المكوث في البيوت لأيام قد تطول.
الرسالة الثالثة، الفايروسات القاتلة والمعدية على منوال كورونا وإيبولا وسارس وغيرها ليست بالظاهرة الجديدة، بل هي من نوع الأمراض التي كانت تضرب الكثير من مناطق الأرض منذ غابر الأزمنة، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، وفي غياب التحليلات المختبرية كان يطلق عليها إجمالا اسم الطاعون. وهكذا نقرأ في كتب التاريخ أن طاعونا ضرب منطقة كذا وأفنى معظم أهلها. لكن هناك فارقان أساسيان، وقتها كان يُضرب الحصار على المنطقة الموبوءة بدون أي رحمة أو تعاطف أو اعتبارات حقوقية، إلى أن يخمد الطاعون، كما أن حركة التنقل لم تكن بالسرعة واليسر كما هو الحال اليوم.
الرسالة الرابعة، أمام بؤس الانحطاط العلمي والأخلاقي والحضاري الذي نعاني منه، فالمرجح أن الضربات التي تزيد الأقوياء الأسوياء قوة، ستزيدنا نحن الضعفاء المرضى بالشماتة والتشفي ضعفا وتدهورا وانهيارا، وفي الأخير قد يفنينا جهلنا وحقدنا قبل أن يفنينا كورونا أوأي طاعون آخر، ومن يدري؟ لربما يصدق علينا الذكر الحكيم: "الذين في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا".
*تدوينة على صفحة الفايسبوك