أمل الصامت –
باتت الأزمة السياسية في تونس وما لها من تبعات داخلية وخارجية الحديث الأبرز سواء لدى الرأي العام التونسي أو حتى على مستوى المنابر الاعلامية والحزبية.
أزمة سياسية بين رؤوس السلطتين التنفيذية والسلطة التشريعية ألقت بضلالها على تقييم زيارة المشيشي إلى ليبيا ومدى نجاعتها في علاقة بإعادة تنشيط الدورة الاقتصادية بين البلدين واستفادة تونس من الاستقرار السياسي في ليبيا في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة تعيش على وقعها البلاد منذ مدة وزادتها جائحة كوفيد 19 حدة.
وبوصفه مخضرما سياسيا وديبلوماسيا تقلد من المناصب والمسؤوليات ما يجعله قادرا على تقييم المسألة بعيدا عن كل الصراعات المطروحة، كان لحقائق أون لاين حوار مع وزير الخارجية والديبلوماسي السابق أحمد ونيس، الذي شدد على ان "العودة إلى العمل هي العنوان الوحيد لخروج البلاد من عنق الزجاجة"، معتبرا أن رئيس الحكومة ليس عنصرا في الأزمة السياسية التي تتمثل في كون أركان الدولة من رئيس جمهورية ورئيس برلمان وحتى الأحزاب ليس لهم نفس التصور للمستقبل القريب او البعيد للبلاد.
وفي تقييمه للزيارة الأخيرة التي أداها المشيشي والوفد المرافق له من كبار المسؤولين في الدولة، قال ونيس إنها خطوة إيجابية نحو الأمام باعتبار ما يمثله النموذج التونسي من الناحيتين السياسية والاجتماعية بالنسبة لليبيين الذين من مصلحتهم أن تستعيد تونس نسقها المعتاد في الحكومة وفي الدولة، وفق تعبيره، مرجحا أن ليبيا قادرة على الإيفاء بالتعهدات المالية التي قدمتها رغم أنها خرجت حديثا من حرب أهلية.
وأوضح في هذا السياق قائلا: "الليبيون قاموا بخطوة عظيمة من خلال تشكيل حكومة موحدة لها وزنها السياسي في الداخل والخارج وبالتالي لها السلطة الكاملة في التصرف المالي حتى وإن مازالت أمامها بعض العقبات من الناحية الأمنية، كما انني أومن بأن النخبتين السياسيتين الليبية والتونسية على اختلافاتها لهما نظرة مستقبلية مشتركة لمستقبل البلدين، لذلك في اعتقادي أن ليبيا ستساعد تونس في الخروج من أزمتها المالية خاصة وأن الأزمة السياسية لم تؤثر على الدولة التي مازالت قائمة".
وعن تصوره للحلول المطروحة اليوم للخروج من الأزمة السياسية التي يعلمها القاصي والداني، قال الوزير السابق أحمد ونيس إنه لا يملك تصورا البتة باعتبار أنه لا يرى طرحا يوحد الرأي العام أو سبيلا للتغلب على المصاعب السياسية وحتى على مستوى نظام الحكم في القريب العاجل.
أما بالنسبة للحوار الوطني الذي قدمته المنظمة الشغيلة ودعمته مجموعة واسعة من المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية، فاعتبر محدثنا أنه يكفي ان يشمل الأركان الثلاثة للدولة مع الاتفاق على هدنة سياسية واجتماعية حتى الانتخابات المقبلة، قائلا: "إذا وجد رأي عام يفرض هذا التمشي يمكن الخروج من الأزمة".
واستدرك بالقول: "إذا كان هناك أي قطاع يريد الاضراب لسبب أو لآخر يمكن له ذلك بأساليب لا توقف النشاط.. يمكن الاضراب عن النشاط المفرط.. يمكن العمل مع حمل الشارات السوداء أو الحمراء.. لكن ارتباط الاضراب بتعطيل العمل هذا أعتبره خيانة.. في جيلي لم تكن الأمور تدار بهذه الطريقة، وبالنسبة لي الأحزاب والنقابات التي تدفع إلى توقيف العمل خانت الرسالة الوطنية".
وفي معرض تقييمه للمجهود الديبلوماسي المبذول سواء من رئيس الحكومة أو رئيس الدولة وحتى رئيس البرلمان، من اجل حشد الدعم المالي والاقتصادي للبلاد، لفت أحمد ونيس إلى أن الازمة الاقتصادية ليست حكرا على تونس فقط بقدر ما هي أزمة عالمية، مبينا ان الدول التي من المفترض أن تدعم تونس في هذا الجانب وخاصة الدول المبني اقتصادها على الصناعة والتصدير هي نفسها في أزمة، ورغم ذلك فهي مستعدة لدفعنا حتى نخرج من عنق الزجاجة لكن في نفس الوقت لا تعرف لمن عليها التوجه للقيام بذلك باعتبار أزمة الحكم القائمة.
وتابع في نفس الإطار، أن الأولوية المطلقة الحالية لتجاوز الأزمة الاقتصادية تكمن في تعليق الاضرابات والعودة إلى العمل وإعادة تقييم فضيلة الكد والشغل مع الوعي أن الحكومة عاجزة عن توفير الميزانية الأساسية فما بالك بما يفوقها، حسب قوله.
كما شدد على ضرورة استعادة التنسيق بين أركان السلطة، واستبعاد فكرة تنظيم انتخابات مسبقة باعتبارها سوف تفرز نفس المشهد الذي يتميز بالتجزئة القائمة في مجلس نواب الشعب حتى وإن تغير التفاوت بين العناصر الرئيسية، معتبرا أن "الخطأ ليس في النظام السياسي القائم بقدر ماهو متعلق بطبقة سياسية هزيلة لا تشرّف الحقوق والامتيازات المضمنة في الدستور للسلط الثلاثة، كما انتقد أداء السلطة القضائية خاصة في ما يتعلق بالاغتيالات السياسية.