الاعترافات.. رصاصة الرحمة على التجمعيين

لئن بدأ المشهد السياسي في تونس يميل في سطح الوعي العام إلى الحنين إلى الدكتاتورية باعتبارها الحل المنظم للفوضى السياسية والمافيوية في البلاد…

لئن بدأ المشهد السياسي في تونس يميل في سطح الوعي العام إلى الحنين إلى الدكتاتورية باعتبارها الحل المنظم للفوضى السياسية والمافيوية في البلاد، حتى أننا أصبحنا نرى في الإعلام وفي الإدارات وفي المقاهي عودة التجمعيـين إلى التبجح والكلام بنبرة عالية و ثـقة في النفس بكونهم أحسن ما أنتجت البلاد من عقول فذة واجتهادات ميدانية في العمل الدؤوب للصالح العام، فإن الاستماع إلى ضحايا الاستبداد من مختلف الشرائح والفئات من الطبقات الشعبية التي أصابها الضيم والظلم والاهانة والتعذيب والملاحقات التي كانت في دولة البوليس اللاانسانية والمتوحشة والتي تعتبر الأرضية القاعدية لإنتاج الإرهاب بمختلف أشكاله وألوانه..

هذا البوح للمعذبين بعد ست سنوات من الانفجار الكبير للثورة مثل صفعة مدوية لجميع اللذين لم يرتـقوا بعد حتى إلى درجة الخجل من أنفسهم.. إن معذبي الاستبداد السياسي و الدكتاتورية أفصحوا، و خاصة هنا ذوي اللون الإسلامي، عن معطى سياسي هام وهو ذو تـأثير أكيد على الرأي العام.

هذا المعطى هو الاعـتراف بالمساهمة الكبرى والمجانية للمحامين اليساريـين في التصدي للدكتاتورية والدفاع عن الإسلاميـين دون مقابل.

ومفاد هذا التأثير بخلاف التوجيه نحو اليسار هو تعرف الرأي العام على منحى لم يكن متوفـرا لهم إدراكه وهو وجود قضية الحرية و الكرامة البشرية وإنسانية الإنسان التي يتوجب الدفاع عنها لأجلها في ذاتها وليس لأي منفعة سوى رضاء الذات عن نفـسها.

كما أن هذا البوح يفصح عن التـناقـض الحاصل في الاتجاه الإسلامي بين ما يعتبر قياداته أو نخبه التي اختبأت تحت درع السلحفاة وانسحبت، وحتى و إن كان للبعض القـليل ان يدافع عما يسمى الأخ في الإسلام فان الأمر كان بمقابل باهظ. وإن بوح المعذبين جراء الاستبداد والدكتاتورية بقـدر ما يعرف الناس عما كان يختبئ وراء دعايات "فرحة شباب تونس" و"دولة الأمن والأمان" و"النمو الاقتصادي"، بقـدر ما يفصح بجلاء عن واقع مر عايشه آلاف من التونسيـين يوميا كانوا يتجرعون كأس الكآبة والضيم والظلم جراء الانجرار وراء متاهة قيادات متاجرة بالدماء والآلام والأحلام والمعاني الزائفة التي تمت صياغتها باسم الدفاع عن الهوية الإسلامية، بينما الحقيقة التي عاشوها فعليا بدمائهم وملامسات أيديهم للعفن العام أن القضية هي قضية تحرر إنساني من سارقي الشعب في ماديته وروحانيته. ولعل ابرز أبعاد بوح المعذبـين هو العودة مباشرة إلى المربع الأول للثورة. ثورة كرامة إنسانية وحرية..

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.