قضية الخطوط التونسية: لماذا يصرّ وزير النقل على مغالطة الرأي العام؟

خلّفت رحلة تدشين الخطّ الجديد للخطوط التونسية الرابط بين تونس ومونتريال الكندية سيلا من الانتقادات واللغط لاسيما بخصوص التكلفة المالية ومقاييس اختيار أعضاء الوفد الذي ضمّ صحفيين ومسؤولين في الدولة على غرار وزيرة السياحة سلمى اللومي الرقيق.

الشركة أصدرت بيانا توضيحيا فنّدت فيه كلّ ماراج حول أنّ تكاليف الرحلة بلغت 300 ألف دينار والحال أنّها لم تتعد 126.600 دينار. في المقابل تمّ تحقيق عائدات قدّرت بـ 312.00 دينار في هذه الرحلة الأولى.

وبغضّ النظر عن لغة الارقام، فإنّ تفاعل وزير النقل مع هذا اللغط الفايسبوكي وما صاحبه من "شعبوية" باتت عنوانا لمرحلة سياسية برمتها في تونس بعد 14 جانفي 2011، كشف عن مغالطة كبرى سوّق لها أنيس غديرة عبر تسريب خبر مفاده فتح تحقيق بشأن شبهة فساد تتعلق بالرحلة التي شارك فيها عدد من أعضاده العاملين في ديوانه و من بينهم من عيّنه على أساس الانتماء لنداء تونس رغم عدم توفره على شهادة عليا وذلك عملا بالقاعدة الفقهية "الأقربون أولى بالمعروف". 

الوزير غديرة وفريقه الاعلامي استغلوا عددا من الصفحات الفايسبوكية الندائية المموّلة من حيث لا يعلم المواطن التونسي -والاسلوب يعبّر عن الدرجة الصفر من السياسة التي وصل اليها بعض المسؤولين في الدولة- لشنّ هجمة مجانية على الرئيسة المديرة العامة لشركة الخطوط التونسية سارة رجب بن عمّو متهمين اياها بارتكاب فساد اداري ومالي ضمن محاكمة لا تحكتم لقرينة البراءة متجاهلا بذلك أنّ رحلة كندا كان قد شارك فيها عدد من أعضاده مما يعني في المحصلة أنّه بدوره يتحمّل جزءا من المسؤولية في حال ثبوت الادانة.

مع الاشارة إلى أنّه لا الوزير ولا أعضاء مكتبه الاعلامي تجاسروا على الردّ عن استفسارات وسائل الاعلام ومن ضمنها حقائق أون لاين بخصوص فتح التحقيق المذكور حيث اكتفوا بنشر الخبر بناء على مصدر مجهول وكأنّ الوزارة بلا متحدث باسمها.

يبدو من الواضح أنّ السيّد غديرة يتطلّع لخلافة نفسه في الحكومة الجديدة المرتقبة أو على الأقل الابقاء على موطئ قدم فيها من خلال جعل الرئيسة المديرة العامة لشركة الخطوط التونسية كبش فداء تحت يافطة مقاومة فساد مزعوم، رغم أنّ أهم انجاز حقّقه منذ توليه وزارة النقل وقبلها كتابة الدولة للاسكان يتمثّل في قيادة  طائرة عسكرية من مطار برج العامري نحو مطار تونس قرطاج الدولي ذهابا وإيابا.

الوزير غديرة بهذا التمشي الذي اختاره يكون قد تقاطع ضمنيا مع لوبي الادارة العميقة في الخطوط التونسية الذي أعلن عن نفسه مؤخرا في جبهة رفض للاصلاحات التي تمّ الشروع فيها ولو بنسق دون المطلوب في شركة تعاني من صعوبات عديدة ومن عقلية البايليك التي دمّرت البلاد ككلّ.

لهذا نكاد نجزم أنّنا بصدد استدامة نمط جمهورية الموز الذي بدأت البلاد في التطبيع معه منذ زمن الترويكا.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.